أحييكم - وأهنئكم بموقفكم الشريف في سبيل القضية القومية التي نعمل لها.
إنّ هذا الموقف هو دليلٌ حيٌّ على روح النظام التي هي من فضائل نهضتنا.
إني أخرج من السجن بكفالة مالية قدرها خمسمائة ليرة لبنانية سورية، عائداً إلى وسطكم لنتابع معاً عملنا القومي الصحيح، وخططنا السياسية، بدون أي تغيير أو تبديل فيها. ولقد كان هذا أول تصريح أعطيته حال خروجي من السجن. وإني أثق من أنّ فهم روح نهضتنا القومية ونظرياتنا السياسية، كما هي واضحة في أعمالنا وتصريحاتنا، سيساعد على إزالة جميع الصعوبات التي اعترضت سبيلنا في لبنان وخارجه.
إنّ موقفنا السياسي، فيما يختص بالسياسة الجارية والأوضاع الحالية، لن يكون على غير ما أعلنّاه في «البلاغ الأزرق» الصادر بتاريخ 15 يونيو/حزيران 1936، وعالجنا فيه القضايا السياسية الحالية، ولن يكون على غير ما هو واضح في شرح غاية الحركة السورية القومية وخطتها.
إنّ هنالك أخطاء سياسية فاضحة ارتكبت من جانب غير جانبنا، ساعدته على إضعاف الضبط القومي للمسائل السياسية، كنا أشرنا إليها في بلاغنا المذكور آنفاً. ومما لا شك فيه أنّ تلك الأخطاء تؤيِّد اقتناعنا بصواب الطريقة التي أعلنّاها في البلاغ المذكور في معالجة المسائل المعروضة للبحث، وبوجوب المحافظة على سياسة السوريين القوميين المستقلة. إنّ الخطة التي انتهجناها للسير نحو هدفنا الأخير هي الخطة التي لن نحيد عنها، وهي الخطة التي تقول بعدم تجاهل الأمر الواقع حين معالجة القضايا السياسية، وعدم الخروج على هدفنا ومبادئنا.
إنّ الأمر الواقع يقسم سورية إلى عدة مناطق أقرَّها الاعتراف الإنترناسيوني، وأوجد منها معضلة، في الحقوق القومية والإنترناسيونية، تحتاج إلى كل ما في نهضتنا من مرونة سياسية وشكلية لحلها. وهو ما نشعر بوجوب القيام به، وهو هو ما تجب علينا معالجته على غير الأساليب العتيقة التي أضرّت بحياة الشعب ولم تحقق شيئاً في مصلحته.
إنّ مطاليب العمل السياسي لفروع الحركة السورية القومية المنتشرة في لبنان والشام وفلسطين وشرقي الأردن والعراق، وضرورة الاهتمام بالعمل السياسي العلني، توجب علينا الاهتمام بالبرامج السياسية الخاصة التي يجب أن تقرر لكل فرع من فروع الحركة السورية القومية بطريقة يمكن معها العمل للغاية الكبرى بدون تعريض سلامة الحركة للخطر.
إنّ سلامة الحركة القومية الاجتماعية وتأمين مطالب العمل السياسي في لبنان، تجعلان الاهتمام بوضع برنامج لفرع الحركة السورية القومية في هذه البقعة أمراً ضرورياً يوجب عقد مؤتمر لأركان الحزب في لبنان، لدرس الموقف وتعيين خطة العمل، وهو ما سنباشر به حالما نرتاح من عناء السجن ومن درس النقاط الهامّة مع المعاونين. وبعد أن نفرغ من إعداد برنامجنا السياسي في لبنان، نبدأ بإعداد برنامجنا للشام ثم لفلسطين ثم لشرقي الأردن ثم للعراق. وإنّا واثقون من أنّ هذه الطريقة ستفسح لنا مجالاً واسعاً للعمل القومي، وتفتح لفروع الحركة السورية القومية طريق التقدم ومعالجة القضية القومية بصورة عملية لا تهمل معها الاستفادة من القضايا المحلية وما تقدمه الظروف المحلية من الممكنات.
إنّ خطة إيجاد برنامج خاص بكل فرع من فروع الحركة السورية القومية، تسهل له العمل ضمن أوضاع الحال الراهنة وتنقذه من سوء فهم قضيته، هي الخطة التي يجب علينا أن نهتم بها لأنها الخطة العملية التي مشينا عليها.
إنّ خصوم الحركة القومية لا يعدمون أن يجدوا في كل خطة سياسية فنية من خطط الحركة موضعاً للتأويل، فمنعاً لأي التباس، نصرِّح بأن مبادئنا ستظل هي هي، وبأن كل برنامج سياسي فرعي سيكون مؤسساً على هذه المبادىء ومستمداً منها.